كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال في النهاية‏:‏ إذا أطلقت السنة في الشرع إنما يراد بها ما أمر به المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ونهى عنه وندب إليه قولاً أو فعلاً أو تقريراً مما لم ينطق به الكتاب وبهذا يقال في أدلة الشرع والسنة أي القرآن والحديث‏.‏ قال الولي العراقي‏:‏ وقد يراد بالسنة المستحب سواء دل على استحبابه كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس ومنه قولهم فروض الصلاة وسننها وقد يراد به ما واظب عليه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم مما ليس بواجب فهذه ثلاث اصطلاحات‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ قال البيهقي وفي إسناده ضعف اهـ وذلك لأن فيه علي بن عروة الدمشقي قال في الميزان عن ابن معين ليس بشيء وعن أبي حاتم متروك وعن ابن حبان يضع الحديث وكذبه صالح جزره وغيره ثم أورد له هذا الخبر‏.‏

2464 - ‏(‏إن من الفطرة‏)‏ أي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليه قال الزمخشري‏:‏ بناء الفطرة يدل على النوع من الفطرة وفي اللام إشارة إلى أنها معهودة وأنها فطرة اللّه التي فطر الناس عليها نطق بها قوله تعالى ‏{‏فطرة اللّه التي فطر الناس عليها‏}‏ اهـ ‏(‏المضمضة والاستنشاق‏)‏ أي إيصال الماء إلى الفم والأنف في الطهارة ‏(‏والسواك‏)‏ بما يزيل القلح ويتأكد في مواضع مبينة في الفروع ‏(‏وقص الشارب‏)‏ يعني إزالته بقص أو نحو حلق حتى تبين طرف الشفة بياناً ظاهراً ‏(‏وتقليم الأظافر‏)‏ من يد أو رجل ولو زائدة قال الدمياطي‏:‏ وتلقيت عن بعضهم أنه من قصها مخالفاً لم يصبه رمد وأنه جربه قال القشيري‏:‏ ولا أصل له ولا يجوز اعتقاد ندبه لأنه حكم شرعي لا بد له من دليل لكن يسن تقديم اليد على الرجل ويكره الاقتصار على تقليم يد أو رجل ‏(‏ونتف الإبط‏)‏ أي إزالة ما به من شعر ينتفه إن قوي عليه وإلا أزاله بحلق أو غيره كنورة ‏(‏والاستحداد‏)‏ أي حلق العانة بالحديد أي الموسى يعني إزالة شعرها بحديد أو غيره على وزان ما مر وخص الحديد لأن الغالب إزالتها بالحلق به ‏(‏وغسل البراجم‏)‏ تنظيف المواضع المنقبضة والمنعطفة التي يجتمع فيها الوسخ وأصلها العقد التي بظهر الأصابع ‏(‏والانتضاح بالماء‏)‏ أي الاستنجاء به من النضح وهو الماء القليل كذا في شرح أبي داود للنووي وفي شرح مسلم له عن الجمهور وهو نضح الفرج بماء قليل بعد الوضوء لينفي الوسواس‏.‏ وقال المنذري‏:‏ إزالة الماء بنشر وتنحنح ‏(‏والاختتان‏)‏ للذكر بقطع القلفة وللأنثى بقطع ما ينطلق عليه الاسم من فرجها قال الشافعي‏:‏ هو واجب على الذكر والأنثى دون ما قبله ولا مانع من أن يراد بالفطرة القدر المشترك الجامع للوجوب والندب كما يأتي وقال مالك وأبو حنيفة ‏[‏ص 528‏]‏ سنة وأحمد واجب على الذكر سنة للأنثى‏.‏

- ‏(‏حم ش د ه عن عمار بن ياسر‏)‏ قال النووي في شرح أبي داود وضعيف منقطع أو مرسل لأنه من رواية سلمة محمد بن عمار بن ياسر عن جده عمار قال البخاري لم يسمع من جده وقال الولي العراقي في الحديث علل أربع الإنقطاع والإرسال والجهل بحال سلمة إن لم يكن أبا عبيدة وضعف علي بن زيد والاختلاف في إسناده‏.‏

2465 - ‏(‏إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى‏)‏ أي حسنى أو خيراً وهو من الطيب أي عيش طيب ‏(‏لمن جعل اللّه مفاتيح الخير على يديه وويل‏)‏ شدة حسرة ودمار وهلاك ‏(‏لمن جعل اللّه مفاتيح الشر على يديه‏)‏ قال الحكيم‏:‏ فالخير مرضاة اللّه والشر سخطه فإذا رضى اللّه عن عبد فعلامة رضاه أن يجعله مفتاحاً للخير فإن رؤى ذكر الخير برؤيته وإن حضر حضر الخير معه وإن نطق نطق بخير وعليه من اللّه سمات ظاهرة لأنه يتقلب في الخير بعمل الخير وينطق بخير ويفكر في خير ويضمر خيراً فهو مفتاح الخير حسبما حضر وسبب الخير لكل من صحبه والآخر يتقلب في شر ويعمل شراً وينطق بشر ويفكر في شر ويضمر شراً فهو مفتاح الشر لذلك فصحبة الأول دواء والثاني داء‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ والطيالسي كلاهما من حديث محمد بن أبي حميد عن حفص ابن عبيد اللّه بن أنس ‏(‏عن‏)‏ جده ‏(‏أنس‏)‏ بن مالك ومحمد بن أبي حميد هذا‏.‏ قال في الكاشف‏:‏ ضعفوه وقال السخاوي‏:‏ ابن أبي حميد منكر الحديث وله شاهد مرسل ضعيف‏.‏

2466 - ‏(‏إن من الناس مفاتيح‏)‏ بإثبات الياء جمع مفتاح ويطلق المفتاح على ما كان محسوساً مما يحل غلقاً كالقفل وعلى ما كان معنوياً كما هنا ‏(‏لذكر اللّه‏)‏ أي تذكره بنحو تسبيح أو تحميد أو تهليل أو صلاة أو نحوها قيل من هم يا رسول اللّه قال الذين ‏(‏إذا رؤوا ذكر اللّه‏)‏ ببناء رؤوا للمجهول يعني إذا رآهم الناس ذكروا اللّه برؤيتهم لما هم عليه من سمات الصلاح وشعار الأولياء وضياء الأصفياء‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ هب ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي فيه عمر بن القاسم ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح وقال ابن حجر هذا الخير صححه ابن حبان من حديث أنس‏.‏

2467 - ‏(‏إن من النساء عياً‏)‏ -قال في النهاية العي الجهل والعورة وكل ما يستحى منه إذا ظهر ومنه الحديث المرأة عورة جعلها نفسها عورة إذا ظهرت يستحى منها كما يستحى من العورة إذا ظهرت- أي جهلاً ونقصاً وقبحاً وعجزاً واتعاباً يقال عيي بالأمر وعن حجته يعيا عياء عجز عنه وقد يدغم الماضي فيقال عى وعي بالأمر لم يهتد لوجهه وأعياني كذا بالألف أتعبني فأعييت يستعمل لازماً ومتعدياً ذكره في المصباح كغيره ‏(‏وعورة‏)‏ بعين مهملة أي نقصاً وقبحاً ‏(‏فكفوا‏)‏ أيها الرجال ‏(‏عيهن بالسكوت‏)‏ أي بالضرب صفحاً عن كلامهن وعدم جوابهن عن كل ما سألنه ‏(‏وواروا عوراتهن بالبيوت‏)‏ أي استروا عورتهن بإمساكهن في بيوتهن ومنعهن من الخروج‏.‏

- ‏(‏عق‏)‏ عن الحسين بن إسحاق التستري عن زكريا بن يحيى الحراز عن إسماعيل ابن عباد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ثم قال العقيلي هذا حديث غير محفوظ وقال ابن الجوزي موضوع وإسماعيل وزكريا متروكان وتعقبه المؤلف بأن له شاهداً‏.‏

‏[‏ص 529‏]‏ 2468 - ‏(‏إن من أحبكم إليَّ أحسنكم أخلاقاً‏)‏ أي أكثركم حسن خلق وهو اختيار الفضائل وترك الرذائل وذلك لأن حسن الخلق يحمل على التنزه عن الذنوب والعيوب والتحلي بمكارم الأخلاق من الصدق في المقال والتلطف في الأحوال والأفعال وحسن المعاملة مع الرحمن والعشرة مع الإخوان وطلاقة الوجه وصلة الرحم والسخاء والشجاعة وغير ذلك من الكمالات ومفهوم الحديث أن من أبغضهم إليه أسوأهم أخلاقاً وبنحوه صرح في رواية الترمذي بزيادة ولفظه عن جابر إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً وإن من أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون قالوا يا رسول اللّه قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون قال المتكبرون‏.‏

- ‏(‏خ عن ابن عمر‏)‏ بن العاص‏.‏

2469 - ‏(‏إن من إجلال اللّه‏)‏ أي تبجيله وتعظيمه ‏(‏إكرام ذي‏)‏ أي صاحب ‏(‏الشيبة المسلم‏)‏ أي تعظيم الشيخ الكبير صاحب الشيبة البيضاء الذي عمره في الإيمان وتوقيره في المجالس والرفق به والشفقة عليه ‏(‏وحامل القرآن‏)‏ أي قارئه ‏(‏غير الغالي فيه‏)‏ أي غير المتجاوز الحد في العمل به وتتبع ما خفي منه واشتبه عليه من معانيه وفي حدود قراءته ومخارج حروفه ‏(‏والجافي عنه‏)‏ أي التارك له البعيد عن تلاوته والعمل بما فيه ‏(‏وإكرام ذي السلطان‏)‏ أي سلطان لأنه ذي قهر وغلبة من السلاطة وهي التمكن من القهر قال اللّه تعالى ‏{‏ولو شاء اللّه لسلطهم عليكم‏}‏ ومنه سمي السلطان وقيل ذي حجة لأنه يقام به الحجج ‏(‏المقسط‏)‏ بضم الميم العادل في حكمه بين رعيته قال ابن الأثير‏:‏ وقيد بقوله غير الغالي إلخ لأن من أخلاقه التي أمر بها القصد في الأمور والغلو التشديد في الدين ومجاوزة الحد والتجافي البعد عنه‏.‏

- ‏(‏د عن أبي موسى‏)‏ الأشعري سكت عليه أبو داود وقال في الرياض حديث حسن وقال الحافظ العراقي وتلميذه ابن حجر سنده حسن وقال ابن القطان ما مثله يصح وأورده ابن الجوزي في الموضوع بهذا اللفظ من حديث أنس ونقل عن ابن حبان أنه لا أصل له ولم يصب بل له الأصل الأصيل من حديث أبي موسى واللوم فيه على ابن الجوزي أكثر انتهى

2470 - ‏(‏إن من إجلالي‏)‏ أي تعظيمي وأداء حقي وفي رواية من إجلال اللّه ‏(‏توقير الشيخ من أمتي‏)‏ أي من جملة إجلال اللّه وتوقيره أن يكرم موضع وقاره وهو شيبة المسلم ولهذا السر قال الخليل وقد رأى الشيب وكان أول من شاب ما هذا يا رب قال وقار يا إبراهيم قال يا رب زدني وقاراً‏.‏

- ‏(‏خط في الجامع عن أنس‏)‏ وفيه عبد الرحمن بن حبيب عن بقية قال في الميزان عن يحيى ليس بشيء وعن ابن حبان لعله وضع أكثر من خمس مئة حديث ثم أورد له هذا الخبر ثم قال قال ابن حبان لا أصل له ثم أعاده في ترجمة يعقوب بن إسحاق الواسطي وقال إنه هو المتهم بوضع هذا وحكاه عنه المؤلف في مختصر الموضوعات وأقره‏.‏

2471 - ‏(‏إن من أخلاق المؤمن‏)‏ أي الكامل ‏(‏قوة في دين‏)‏ أي طاقة عليه وقياماً بحقه‏.‏ جلد عمر ابنه الحد فقال‏:‏ يا أبت قتلتني قال‏:‏ إذا لقيت ربك فأخبره أنا نقيم الحدود ‏(‏وحزماً في لين‏)‏ أي سهولة فإذا جاءت المعرفة بأنوارها انجلت الكثافة وزالت الفظاظة وذلك لأن الحزم هو اجتماع الأمور وإنما تجتمع وتستحكم باللين فإن الغصن الصلب إذا مددته انكسر باثن واللين إذا مددته انقاد وبلغت به المراد ‏(‏وإيماناً في يقين‏)‏ لأن العبد وإن كان موحداً لكن قد يدخله النقص ‏[‏ص 530‏]‏ في نوره المشرق في صدره فيحجب عن اللّه ويقف مع الأسباب فيحتاج إلى يقين يزيل حجابه ويطلق عنانه ‏(‏وحرصاً في علم‏)‏ أي اجتهاداً فيه ودواماً عليه لأن العلم بحر لا ساحل له ولا منتهى فمن دخله احتاج إلى حرص يعينه عليه ويذهب بملاله ويبعثه في كل وقت إليه ‏(‏وشفقة‏)‏ أي خوفاً ومحبة وعطفاً ‏(‏في مقة‏)‏ بالقاف بضبط المصنف لكن رواية الحكيم معه بالعين مشتقة من المعة أمعاء البطن فالشفقة تحنن الرأفة والإكباب على من يشفق عليه وإنما يصير منكباً بشدة الرأفة فإذا كانت الشفقة بغير معة انتشرت فأفسدت وإذا كانت في معة كانت في حصن فلم تنتشر ولم تفسد لأن هنا حداً يحويها ‏(‏وحلماً في علم‏)‏ لأن الحلم سعة الأخلاق فإذا توسع المرء في أخلاقه ولم يكن له علم فقد الهدى وإن كان ثم علم لا حلم ساء خلقه وتكبر بعلمه لأن للعلم حلاوة ولكل حلاوة شرة ‏(‏وقصداً في غنى‏)‏ فلا يتوسع في الإنفاق فيقع في الإسراف بل يكون وسطاً فإنما هو رزق اللّه ‏(‏وتجملاً في فاقة‏)‏ أي فقر بأن لا يلقي بيديه إلى التهلكة ويصبر على القلة ويرضى بالذلة ولكته يأخذ شعره ويقلم ظفره ويغسل ثوبه ويتنظف ويتطيب على قدر حاله فإن اللّه جميل يحب الجمال ‏(‏وتحرجاً‏)‏ أي كفاً ‏(‏عن طمع‏)‏ لأن الطمع فيما في أيدي الخلق انقطاع عن اللّه ومن انقطع عنه خذل وخسر ‏(‏وكسباً من‏)‏ وفي رواية في ‏(‏حلال‏)‏ أي سعياً في طلب الحلال فإن كل نفس فرغ ربها من رزقها فما فائدة الطلب من غير حل ‏(‏وبرأ‏)‏ أي إحساناً ‏(‏في استقامة‏)‏ بأن لا يمازجه هوى أو جور بل يكون مع صلابة في العدل حتى بين العيال والأطفال ‏(‏ونشاطاً في هدى‏)‏ أي لا في ضلالة فإذا انبسطت نفسه ألجمها بلجام الشرع حتى لا تتعدى للفساد حال الانبساط ‏(‏ونهياً عن شهوة‏)‏ فإن النفس ذات شهوات فإذا أطعتها في واحدة طمعت في أخرى وهكذا حتى تشرد على صاحبها شراد البعير ‏(‏ورحمة للمجهود‏)‏ في عبادة أو معاش أو بلاء لأنه إذا تأمل ذلك الجهد رق قلبه من تعب ذلك البدن وفرغت نفسه له ‏(‏وإن المؤمن من عباد اللّه‏)‏ كذا وقفت عليه في خط المصنف وهو تحريف فإن لفظ رواية الحكيم الذي نسب المصنف الحديث إلى تخريجه ما نصه وإن المؤمن عياذاً للّه بمثناة تحتية بعد المهملة وذال معجمة أي هو الذي يعيذ المؤمنين من السوء فالمؤمن البالغ في إيمانه يعيذ العباد بفضل أمانه من جوره وظلمه ويصيرون منه في معاذ ثم وصفه فقال ‏(‏لا يحيف على من يبغض‏)‏ أي لا يحمله بغضه إياه على الجور عليه ولا يأثم فيمن يحب أي لا يحمله حبه إياه على أن يأثم في جنبه فإنه إذا كان كذلك كان بغضه وحبه للّه وفي اللّه وباللّه وإذا لم يكن كذلك كان بضده ‏(‏ولا يضيع ما استودع‏)‏ بالبناء للمجهول أي ما جعل أميناً على حفظه لشفقته على ما أودعه وائتمن عليه كشفقته على نفسه وماله لعظم قدر الأمانة عنده ‏(‏ولا يحسد‏)‏ لأن من أخلاق المعرفة إذا رأى لمؤمن حالاً حسنة أذاعها أو دنيئة سترها فكيف يحسده ‏(‏ولا يطعن‏)‏ لأن الطعن يكون من الحسد أو من الغيرة والغيرة المذمومة من الشيطان فإذا طعن في الأعراض فقد هتك الستر وإنما يطعن في ستر اللّه‏.‏ ‏(‏ولا يلعن‏)‏ فإن اللعنة إذ صارت إلى من وجهت عليه فلم تجد مساغاً رجعت على صاحبها ‏(‏ويعترف بالحق‏)‏ الذي عليه ‏(‏وإن لم يشهد عليه‏)‏ بالبناء للمفعول أي لم يقم عليه به شهود فإن المؤمن أسير الحق يعلم أن الشاهد عليه علام الغيوب فاجتمع على قلبه أمران إثبات العلم الشهادة فأخذته هيبة العلم وحياء الشهادة ‏(‏ولا يتنابز‏)‏ أي يتداعى ‏(‏بالألقاب‏)‏ لأنه من شأن البطالين إذ هم الذين يجترثون على تغيير أسماء تسمى بها أهلها تحقيراً لهم ‏(‏في الصلاة متخشعاً‏)‏ فإن الخشوع من فعل القلب فإذا علم أين قام خضع ولمن قام خشع وذلت نفسه وخشعت جوارحه ‏(‏إلى الزكاة مسرعاً‏)‏ أي إلى أدائها لمستحقها لعلمه بأن المال ميال

‏[‏ص 531‏]‏ بالقلوب عن اللّه فإذا مال القلب لشيء نزعت منه البركة ‏(‏في الزلازل وقوراً‏)‏ لأن الوقار يشغل قلب العبد فإذا نالته الزلزلة من بلاء أو شدة فلم يكن وقار استفزته الشدة فإذا توقر ثبت عند الشدائد ‏(‏في الرخاء شكوراً‏)‏ لأن النفس وقت الرخاء ساكنة والقلب مشرق بالنور منكشف الغطاء فإن تناول النعمة على نور من ربه فهو على بصيرة منه فكان في هذه الحالة شكوراً وكان في البلاء صبوراً ‏(‏قانعاً بالذي له‏)‏ أي بما رزقه اللّه ‏(‏لا يدعى ما ليس له‏)‏ أي لا يطالب أحد بشيء ليس له عليه فالقناعة تطيب النفس في الحياة الطيبة وهي من اللّه ثواب عاجل للعبد بما أطاعه ‏(‏ولا يجمع في الغيظ‏)‏ فإن الغيظ حرارة الحرص فإذا جمعه كذلك لم يدعه الحرص أن يتورع في كسبه حتى يتقمص في مكاسب السوء فيجره للتقحم في جرائم الحرام لكن يجمعه في تؤدة وسكينة وهيبة ومراقبة وما ذكر من أن اللفظ في القيظ هو ما في رواية الحكيم لكن رأيت المصنف في نسخته كتب بخطه الغيظ ‏(‏ولا يغلبه الشح‏)‏ أشد البخل ‏(‏عن معروف يريده‏)‏ أي يريد فعله فالشح أصله الحرص ‏{‏ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون‏}‏ والشح يدعو إلى أخذ مال الغير والتوغل في الحرام ‏(‏يخالط الناس كي يعلم‏)‏ فضل اللّه عليه وما يبقى وما يذر من البشر لا استرواحاً بهم ولا أنساً لقربهم واطمئناناً لهم بل مخالطة اختبار واعتبار ‏(‏ويناطق الناس‏)‏ كذا بخط المصنف لكن بلفظ رواية الحكيم يناطقهم ‏(‏كي يفهم‏)‏ أحوالهم وأمورهم لأن الأسرار إنما تظهر بالمناطقة ولهذا قيل المرء بأصغريه ‏(‏وإن ظلم وبغى عليه‏)‏ ببناء ظلم وبغي للمجهول أي ظلمه أحد من الناس أو بغى عليه ‏(‏صبر حتى يكون الرحمن‏)‏ تقدس ‏(‏هو الذي‏)‏ يرحمه و ‏(‏يقتص له‏)‏ كذا هو بخط المصنف وضبطه بضم أوله لكن بلفظ رواية مخرجه الحكيم ينتصر له ممن ظلمه فالصبر هو مركز المؤمن بين يدي ربه والمؤمن الكامل عالم بأن اللّه تعالى عدل ينصف المظلوم من ظالمه وجد اللّه أقوى منه في الانتصار وإن كان مأذوناً فيه شرعاً لكن الترك أسلم والسلام قالوا وهذه الأخلاق من وجوه أخلاق المعرفة فمن رقى في درجات العرفان أتى بكل خلق من أخلاقها ليصير كامل الإيمان‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن جندب‏)‏ بضم الجيم والدال تفتح وتضم ‏(‏بن عبد اللّه‏)‏ البجلي ثم العلقمي بفتحتين ثم قاف وقد ينسب إلى جده‏.‏

2472 - ‏(‏إن من أربى الربا‏)‏ أي أكثره وبالاً وأشده تحريماً ‏(‏الاستطالة في عرض المسلم‏)‏ أي احتقاره والترفع عليه والوقيعة فيه لأن العرض شرعاً وعقلاً أعز على النفس من المال وأعظم خطراً أو الربا الزيادة والارتفاع والكثرة والاستطالة والتطاول احتقار الناس والترفع عليهم وعبر عنه بلفظ الربا لأن المعتدي يضع عرضه ثم يستزيد عليه ونبه بقوله ‏(‏بغير حق‏)‏ على حل استباحة العرض في مواضع مخصوصة كجرح الشاهد وذكر مساوىء الخاطب وقول الدائن في المماطل مطلني حقي ونحو ذلك مما هو مبين في الفروع قال البيضاوي‏:‏ والاستطالة في عرض المسلم أن يتناول منه أكثر مما يستحقه على ما قال له أو أكثر مما رخص له فيه ولذلك مثل الربا وعده من عداده ثم فضله على أفراده لأنه أكثر مضرة وأشد فساداً فإن العرض شرعاً وعقلاً أعز على النفس من المال وأعظم منه خطراً ولذلك أوجب الشرع بالمجاهرة بهتك الأعراض ما لم يوجب بنهب الأموال‏.‏ قال التوربشتي‏:‏ وفي قوله بغير حق تنبيه على أن العرض ربما يجوز استباحته في بعض الأحوال كحديث ليَّ الواجد يحل عرضه‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الأدب ‏(‏عن سعيد بن يزيد‏)‏ وسكت عليه أبو داود ورواه الحاكم وصححه وفي الباب عن أبي هريرة رواه البزار بإسنادين قال المنذري أحدهما قوي وقال ‏[‏ص 532‏]‏ الهيثمي رجال أحدهما رجال الصحيح غير محمد بن أبي نعيم وهو ثقة وفيه ضعف‏.‏

2473 - ‏(‏إن من أسرق السراق‏)‏ أي من أشدهم سرقة ‏(‏من يسرق لسان الأمير‏)‏ أي يغلب عليه حتى يصير لسانه كأنه في يده فلا ينطق إلا بما أراده ‏(‏وإن من أعظم الخطايا من اقتطع‏)‏ أي أخذ قال في المصباح كغيره‏:‏ اقتطعت من ماله قطعة أخذتها ‏(‏مال امرىء مسلم بغير حق‏)‏ بنحو جحد أو غصب أو سرقة أو يمين فاجرة أو غير ذلك ‏(‏وإن من الحسنات عيادة المريض‏)‏ أي زيارته في مرضه ولو أجنبياً ‏(‏وإن من تمام عيادته أن تضع يدك عليه‏)‏ أي على شيء من بدنه كيده ويحتمل أن المراد على موضع العلة ‏(‏وتسأله كيف هو‏)‏ أي يسأله عن حاله في مرضه وتتوجع له وتدعو له وأفهم هذا أن أصل الثواب يحصل بالحضور عنده والدعاء وإن لم يسأله عن حاله ‏(‏وإن أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين‏)‏ ذكر وانثى ‏(‏في نكاح حتى تجمع بينهما‏)‏ حيث وجدت الكفاءة وغلب على الظن أن في اتصالهما خيراً ‏(‏وأن من لبسة الأنبياء‏)‏ بكسر اللام وضمها أي مما يلبسونه ‏(‏القميص قبل السراويل‏)‏ لأنه يستر جميع البدن فهو أهم من السراويل الساتر لأسفله فقط يعني يهتمون بتحصيله ولبسه ‏(‏وإن مما يستجاب به عند الدعاء العطاس‏)‏ من الداعي أو من غيره أو مقارنة العطاس للدعاء يستدل به على استجابة ذلك الدعاء وقبوله وقد ورد في الخبر المار أصدق الحديث ما عطس عنده والظاهر المراد أنه عطاس المسلم‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي رهم‏)‏ بضم الراء وسكون الهاء واسمه أحزب بن أسيد ‏(‏السمعي‏)‏ نسبة إلى السمع بن مالك بكسر المهملة وفتح الميم وقد تسكن وقيل بفتحها وآخره مهملة ذكره ابن أبي خثيمة وغيره في الصحابة وقال البخاري وابن السمعاني هو تابعي وجزم به في التجريد قال الهيثمي رجاله ثقات وفي بعضهم كلام لا يضر انتهى وأشار به إلى أن فيه هشام بن عمار ومعاوية بن يحيى الطبراني وقد أوردهما الذهبي في الضعفاء وقال الدارقطني لمعاوية مناكير‏.‏

2474 - ‏(‏إن من أشراط الساعة‏)‏ أي علاماتها جمع شرط بالتحريك وهو العلامة ‏(‏أن يرفع العلم‏)‏ ذلك بقبض حملته لا الانتزاع من قلوبهم ‏(‏ويظهر الجهل‏)‏ ومن لازمه ظهور الجهل ولا ينافي قوله أن يرفع ما في رواية للبخاري أيضاً أن يقل لأن القلة قد يراد بها العدم أو القلة في ابتداء الأشراط والعدم في أثنائها فهو باعتبار الزمانين وهو في محل نصب لأنه اسم إنّ ‏(‏ويفشو الزنا‏)‏ أي يظهر قال القرطبي‏:‏ هذا من أعلام النبوة لأنه إخبار عن أمور ستقع وقد وقعت اهـ وإذا كان كذلك في زمن القرطبي فما بالك الآن ‏(‏ويشرب الخمر‏)‏ بالبناء للمفعول أي يكثر شربه ‏(‏ويذهب الرجال وتبقى النساء‏)‏ لفظ رواية البخاري وتكثر النساء وذلك أن الفتن تكثر فيكثر القتل في الرجال لأنهم أهل حرب دون النساء وقيل هو إشارة إلى كثرة الفتوح فيكثر السبي فيتخذ الرجل الواحد عدة موطوءات‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ وفيه نظر لتصريحه بالقلة في حديث فقال من قلة الرجال وكثرة النساء والظاهر أنها علامة محضة لا بسبب آخر بل يقدر اللّه آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور ويكثر من يولد من الإناث وكون كثرة النساء من العلامات يناسب رفع العلم وظهور الجهل ‏[‏ص 533‏]‏ ‏(‏حتى يكون لخمسين امرأة‏)‏ وفي رواية لأربعين ولا تعارض لدخول الأربعين في الخمسين أو أن الأربعين عدد من يلذن به والخمسين عدد من يتبعنه وهو أعم من أن يلذن به‏.‏ قال الكرماني‏:‏ ويحتمل أن العدد مجاز ظن الكثرة وسره أن الأربعة كمال لثبات الأزواج فاعتبر الكمال مع زيادة واحدة عليه ليصير فوق الكمال مبالغة في الكثرة أو أن الأربعة تؤلف منها العشرة واحد واثنين وثلاثة وأربعة ومن العشرات المئة والألوف فهي أصل جميع الأعداد فزيد فوق الأصل واحد آخر ثم اعتبر كل واحد منها بعثر أمثاله تأكيداً للكثرة ومبالغة فيها كما قرر نظيره في خمسين ألف سنة ‏(‏قيماً واحداً‏)‏ لفظ رواية البخاري القيم الواحد ولامه للعهد إشعاراً بما هو المعهود من كون الرجال قوّامين على النساء والقيم ما يقوم بأمرهنّ فكنى به عن اتيانهنَّ له لطلب النكاح حلالا أو حراماً وخص هذه الأمور الخمسة بالذكر لإشعارها باختلاف الأمور التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد وهي الدين لأن رفع العلم يخل به والعقل لأن شرب الخمر يخل به والنسب لأن الزنا يخل به والنفس والمال لأن كثرة الفتن تخل بهما‏.‏ قال الكرماني‏:‏ وإنما كان اختلاف هذه الأمور مؤذناً بخراب العالم لأن الخلق لا يتركون هملاً ولا نبي يعد نبينا فتعين ذلك والمراد بشرب الخمر كثرته والتجاهر به لا أصل شربه فإنه في كل زمن وقد حدَّ المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وخلفاؤه فيه ما لا يخفى على أن العلامة مجموع الأمور المذكورة وفيه الإخبار بما سيقع فوقع‏.‏

- ‏(‏حم ق ت ن ه عن أنس‏)‏ بن مالك قال‏:‏ ألا أحدثكم حديثاً سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه‏؟‏ فذكره‏.‏

2475 - ‏(‏إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر‏)‏ قال الطبراني عن بعضهم‏:‏ يقال إن المراد الأصاغر من أهل البدع وأخرج الطبراني عن ابن مسعود لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم ومن أكابرهم فإذا أناهم من أصاغرهم هلكوا، وقال بعض الحكماء‏:‏ سودوا كباركم لتعزوا ولا تسودوا صغاركم فتذلوا وأخرج ابن أبي خيثمة من طريق مكحول عن أنس قيل يا رسول اللّه متى ينزعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏؟‏ قال‏:‏ إذا ظهر فيكم ما ظهر في نبي إسرائيل إذا ظهر الادهان في خياركم والفحش في شراركم والملك في صغاركم والفقه في رذالكم وفي مصنف قاسم بن أصبغ بسند قال ابن حجر صحيح عن عمر‏:‏ فساد الناس إذا جاء العلم من قبل الصغير استعصى عليه الكبير‏.‏ وصلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير تابعه عليه الصغير، وذكر أبو عبيدة أن المراد بالصغير في هذا صغير القدر لا السن‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن أبي أمية‏)‏ بضم الهمزة وفتح الميم وشد المثناة تحت ‏(‏الجمحي‏)‏ وقيل اللخمي وقيل الجهني وقيل المخزومي صحابي له حديث‏.‏ قال الهيثمي فيه ابن لهيعة ضعيف‏.‏

2476 - ‏(‏إن من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد‏)‏ أي يدرأ كل من أهل المسجد الإمامة عن نفسه ويحيدها على غيره فكل من قدم إليها أبى وتأخر ويقول لست أهلاً لها لتركه تعلم ما تصح الإمامة به ‏(‏ولا يجدون إماماً يصلي بهم‏)‏ لقلة العلم وظهور الجهل فكل منهم يرى نفسه جاهلاً بالإمامة وشروطها فلا يتقدم لذلك‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الصلاة وكذا ابن ماجه كلهم من حديث عقيلة امرأة من بني فزارة مولاة لهم ‏(‏عن سلامة بنت الحر‏)‏ الفزارية أخت خرشه الحر الفزاري صحابية لها حديث واحد‏.‏ قال الذهبي في المهذب وعقيلة مجهولة‏.‏

2477 - ‏(‏إن من أعظم الأمانة‏)‏ أي من أعظم خيانة الأمانة ‏(‏عند اللّه تعالى يوم القيامة‏)‏ يوم ظهور الجزاء ‏(‏الرجل‏)‏ ‏[‏ص 534‏]‏ خبر إن وفيه تقدير مضاف أي خيانة الرجل كما تقرر ‏(‏يفضي إلى امرأته‏)‏ أي يصل إليها استمتاعاً فهو كناية عن الجماع ‏(‏وتفضي إليه‏)‏ أي تستمتع به وأصله من الفضاء‏.‏ قال الراغب‏:‏ الفضاء المكان الواسع ومنه أفضى بيده وأفضى إلى امرأته قال تعالى ‏{‏وقد أفضى بعضكم إلى بعض‏}‏ ‏(‏ثم ينشر سرها‏)‏ أي يتكلم بما جرى بينه وبينها قولاً وفعلاً وهذا وعيد شديد كما قال النووي في حرمة إفشاء هذا السر إذا لم يترتب عليه فائدة وإلا كأن تدَّعي عجزه عن الجماع أو إعراضه عنها ونحو ذلك فلا يحرم بل لا يكره ذكره واعلم أن كراهة إفشاء السر شامل لحليلته لأخرى، فإن قلت‏:‏ هذا يناقضه ما علمه أنس بتوقيف أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أتى أزواجه بغسل واحد ولا طريق لعلمه إلا إخبار المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كما قاله الإمام البيهقي، قلت‏:‏ لعل النهي عن إفشاء السر من قبيل الغيبة أو إن كان مفصلاً أو بحضور الناس‏.‏ أما ما ليس من قبيل الغيبة وهو إجمالي لمن لا يحتشمه كخادمه فليس منهياً أو يقال إنما قصد بإعلام أنس بيان الجواز‏.‏

- ‏(‏حم م د عن أبي سعيد الخدري‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

2478 - ‏(‏إن من أعظم الفرى‏)‏ بوزن الشرى أي أكذب الكذبات الشنيعة إذ الفرية الكذبة العظيمة وجمعه فرى كمرية ومرى مقصور وممدود ‏(‏أن يرى‏)‏ بضم التحتية أوله فكسر من الإراءة ‏(‏الرجل عينيه‏)‏ بالتثنية منصوب بالياء مفعول ‏(‏في المنام ما لم تريا‏)‏ أي يدَّعي أن عينيه رأتا في النوم شيئاً ما رأتاه فيقول رأيت في منامي كذا وهو يكذب لأن ما يراه النائم إنما يراه بإراءة الملك والكذب عليه كذب على اللّه وذكر العين وإن كانت رؤياه بنفسه لا بجارحة لأنه إنما يرى في النوم ما تخيله بالجارحة يقظة ويسمع بجارحة الأذن وغير ذلك من الجوارح لكونها هي الطرق المألوفة في اليقظة في إيصال المحسوس إلى النفس وإلا فالعين لا ترى في النوم بل النفس هي الباصرة السامعة‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عمر‏)‏ ابن الخطاب قال الهيثمي فيه أبو عثمان بن العباس بن الفضل البصري وهو متروك وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وهو ذهول فقد خرّجه البخاري في الصحيح باللفظ المزبور عن ابن عمر المذكور بلفظ إن من أفرى إلخ وفي رواية له بإسقاط من‏.‏

2479 - ‏(‏إن من أفرى الفرى‏)‏ بكسر الفاء مقصورة وممدودة أي من أعظم الكذبات ‏(‏أن يدّعي الرجل‏)‏ بتشديد الدال ينتسب ‏(‏إلى غير أبيه‏)‏ فيقال ابن فلان وهو ليس بابنه ‏(‏أو يري عينه ما لم تر‏)‏ بالإفراد في عينه ويرى بالضم أوله وكسر ثانيه من أرى أي ينسب الرؤية إلى عينه تارة يقول‏:‏ رأيت في منامي كذا ولا يكون رآه لأنه جزء من الوحي فالمخبر عنه بما لم يقع كالمخبر عن اللّه بما لم يلقه إليه-وإنما اشتد فيه الوعيد مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ قد يكون شهادة في قتل أو حد أو أخذ مال لأن الكذب على المنام كذب على اللّه أنه أراه ما لم يره والكذب على اللّه أشد من الكذب على المخلوقين فقوله تعالى ‏{‏ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم‏}‏ الآية وإنما كان الكذب في المنام كذباً على اللّه لحديث الرؤيا جزء من النبوة وما كان من النبوة فهو من قبل اللّه تعالى- قال الطيبي‏:‏ المراد بإراءته عينه وصفها بما ليس فيها ونسب الكذب إلى الكذبات المبالغة نحو ليل أليل ‏(‏أو يقول‏)‏ بفتح التحتية أوله وضم القاف وسكون الواو وروي بفتح المثناة والقاف وشد الواو مفتوحة ‏(‏على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما لم يقل‏)‏ وجمع الثلاثة في خبر لشدة المناسبة بينها ‏[‏ص 535‏]‏ وأنها من أفحش أنواع الافتراء فالكذب على المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كذب في أصول الدين وهدم لقاعدة من قواعد المسلمين والكذب عليه كذب على اللّه وما ينطق عن الهوى والرؤيا جزء من أجزاء النبوة والمنام طرف من الوحي فإذا كذب فقد كذب في نوع الوحي ومن ادّعى لغير أبيه فقد استهزأ بنص القرآن ويكفي في ذلك لعن امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم‏.‏

- ‏(‏خ عن واثلة‏)‏ ابن الأسقع وغيره‏.‏

2480 - ‏(‏إن من-أتى بمن لأن يوم عرفة أفضل أيام السنة ويليه في الفضيلة يوم النحر فيوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع- أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم‏)‏ عليه الصلاة والسلام وخلقه فيه يوجب له شرفاً ومزية كما قاله القاضي ‏(‏وفيه قبض‏)‏ وذلك سبب للشرف أيضاً فإنه سبب لوصوله إلى الجناب الأقدس والخلاص عن النكبات ‏(‏وفيه النفخة‏)‏ أي النفخ في الصور وذلك شرف أيضاً لأنه من أسباب توصل أرباب الكمال إلى ما أعد لهم من النعيم المقيم والموت أحد الأسباب الموصلة للنعيم وهو وإن كان فناءاً ظاهراً فهو بالحقيقة ولادة ثانية ذكره الراغب ‏(‏وفيه الصعقة‏)‏ هي غير النفخة وقد ذكرها تعالى بفاء التعقيب في ‏{‏ونفخ في الصور فصعق‏}‏ ‏(‏فأكثروا عليّ من الصلاة فيه‏)‏ أي في يوم الجمعة وكذا ليلتها قال أبو طالب المكي‏:‏ وأقل ذلك ثلاث مئة مرة كذا نقله عنه في الإتحاف ‏(‏فإن صلاتكم معروضة عليّ‏)‏ قال ابن الملقن‏:‏ معنى معروضة عليَّ موصولة إليَّ توصل الهدايا، ثم إنهم قالوا‏:‏ وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت -قيل بوزن ضربت وقيل أرمّت بتشديد الميم وسكون التاء لتأنيث العظام قال ابن الأثير أصل هذه الكلمة من رمّ الميت وأرمّ إذا بلى والرمّة العظم البالي- بفتح فسكون ففتح على الأشهر أي بليت، وفي رواية أرممت أي صرت رميماً قال ‏(‏إن اللّه حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء‏)‏ لأنها تتشرف بوقع أقدامهم عليها وتفتخر بضمهم إليها فكيف تأكل منهم ولأنهم تناولوا ما تناولوا منها بحق وعدل وسخرها لهم لإقامة العدل عليها فلم يكن لها عليهم سلطان ومثلهم الشهداء‏.‏ قال في المطامح‏:‏ وقد وجد حمزة صحيحاً لم يتغير حين حفر معاوية قبره وأصاب الفأس أصبعه فدميت وكذا عبد اللّه بن حرام وعمرو بن الجموح وطلحة وغيرهم‏.‏ قال الطيبي‏:‏ إنما قالوا كيف تعرض صلاتنا عليك وقد بليت استبعاداً فما وجه الجواب بقوله إن اللّه حرّم إلخ فإن المانع من العرض والسماع الموت وهو قائم بعد قلنا‏:‏ حفظ أجسادهم من أن تبلى أخرق للعادة المستمرة فكما أنه تعالى يحفظها منه كذلك يمكن من العرض عليهم ومن الاستماع منهم‏.‏

- ‏(‏حم د ن ه حب ك عن أوس‏)‏ بفتح الهمزة وسكون الواو ‏(‏بن أبي أوس‏)‏ واسم أبي أوس حذيفة الثقفي صحابي سكن دمشق وفد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويقال هو والد عمرو بن أوس قال في التقريب‏:‏ وهو غير أوس بن أبي أوس الثقفي على الصحيح قال الحاكم على شرط البخاري انتهى، وليس كما قال، فقد قال الحافظ المنذري وغيره له علة دقيقة أشار إليها البخاري وغيره وغفل عنها من صححه كالنووي في الرياض والأذكار‏.‏

2481 - ‏(‏إن من اقتراب الساعة أن يصلي خمسون نفساً‏)‏ بسكون الفاء أي إنساناً والنفس اسم لجملة الحيوان الذي هو قوامه بالدم الذي هو النفس ‏(‏لا تقبل لأحد منهم‏)‏ لقلة العلم وظهور الجهل وغلبته حتى لا يجد الناس من يرشدهم إلى ‏[‏ص 536‏]‏ أحكام دينهم ويصحح لهم عبادتهم والظاهر أن المراد بالخمسين ليس التحديد بل التكثير أي جمع كثير من الناس‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ الأصبهاني ‏(‏في كتاب الفتن‏)‏ له ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ عبد اللّه‏.‏

2482 - ‏(‏إن من أكبر الكبائر الشرك باللّه وعقوق الوالدين واليمين الغموس‏)‏ أي الكاذبة الفاجرة سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار وفعول للمبالغة ‏(‏وما حلف‏)‏ ما نافية ‏(‏حالف باللّه يمين صبر‏)‏ هي التي يصبر أي يحبس عليها شرعاً ولا يوجد ذا إلا بعد التداعي ‏(‏فأدخل فيها‏)‏ أي في تلك اليمين ‏(‏مثل جناح بعوضة‏)‏ أي شيئاً حقيراً جداً من الكذب ‏(‏إلا جعلت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة‏)‏ قال الطيبي‏:‏ ذكر ثلاثة أشياء وخص الأخير منها بالوعيد إيذاناً بأنه مثلها وداخلة في أكبر الكبائر حذراً من احتقارها وظنّ أنها غير كبيرة ومعنى الانتهاء في قوله إلى يوم القيامة أن أثر تلك النكتة التي هي من الرين تبقى إلى يوم القيامة ثم بعد ذلك يترتب عليه وبالها والعقاب عليها فكيف إذا كان ذلك كذباً محضاً‏.‏

- ‏(‏حم ت حب ك عن‏)‏ أبي يحيى ‏(‏عبد اللّه بن أنيس‏)‏ بضم الهمزة وفتح النون تصغير أنس بن سعد الجهني حليف الأنصار شهد العقبة ومات بالشام وفيه من طريق الترمذي أبو أمامة الأنصاري عن عبد اللّه المذكور قال في المنار لا يعرف اسمه وهشام بن سعد وفيه خلاف لكن قال ابن حجر في الفتح سنده حسن وله شاهد من حديث ابن عمرو عند أحمد‏.‏

2483 - ‏(‏إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً‏)‏ بالضم ‏(‏وألطفهم بأهله‏)‏ أي أرفقهم وأبرهم بنسائه وأقاربه وأولاده وعشيرته المنسوبين إليه‏.‏ قال في الصحاح وغيره‏:‏ اللطف في العمل الرفق وألطفه بكذا أبره به والملاطفة المبارّة والتلطف بالأمر الترفق به‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ كلاهما في الإيمان من حديث أبي قلابة ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال الترمذي حسن لكن لا نعرف لأبي قلابة سماعاً من عائشة انتهى وقال الحاكم على شرطهما وتعقبه الذهبي فقال‏:‏ قلت فيه انقطاع انتهى وظاهر اقتصاره على عزوه للترمذي أنه تفرّد به من بين الستة والأمر بخلافه فقد رواه عنها أيضاً النسائي في عشرة النساء‏.‏

2484 - ‏(‏إن من أمتي‏)‏ أي أمة الإجابة ‏(‏من يأتي السوق‏)‏ أي المحل الشارع الذي يباع فيه القمص ‏(‏فيبتاع القميص بنصف دينار أو ثلث دينار‏)‏ يعني بشيء قليل جداً يعدل نصف ديناراً أو ثلثه لخمسة دراهم أو ثلاثة ‏(‏فيحمد اللّه إذا لبسه‏)‏ على نعمة اللّه تعالى به وتيسيره له ‏(‏فلا يبلغ ركبتيه‏)‏ أي لا يصل إليهما ‏(‏حتى يغفر له‏)‏ يعني يغفر اللّه له ذنوبه بمجرد لبسه لكونه حمد اللّه تعالى عليه، وظاهره يشمل الكبائر وقياس ما سيجيء اختصاصه بالصغائر‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي قال الهيثمي فيه جعفر بن الزبير متروك كذاب‏.‏

2485 - ‏(‏إن من أمتي قوماً‏)‏ أي جماعة لهم قوة في الدين ‏(‏يعطون مثل أجور أوّلهم‏)‏ أي يثيبهم اللّه مع تأخر زمنهم مثل ‏[‏ص 537‏]‏ إثابة الأولين من الصدر الأول الذين نصروا الإسلام وأسسوا قواعد الدين قيل من هم يا رسول اللّه‏؟‏ قال هم الذين ‏(‏ينكرون المنكر‏)‏ أي ما أنكره الشرع قالوا ويجب الأمر بالواجب والنهي عن الحرام ويندب الأمر بالمندوب والنهي عن المكروه بشرط العلم بوجه المعروف والمنكر وانتفاء المفسدة وفي اشتراط ظن التأثير خلف ولا يختص بالوالي إلا ما يفضي إلى القتال ولا بالمجتهد إلا ما يفتقر إليه ولا بمن لا يرتكب مثله وهو فرض كفاية فيسقط بقيام البعض‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ من حديث عبد الرحمن الحضرمي ‏(‏عن رجل‏)‏ من الصحابة قال الهيثمي فيه عطاء بن السائب سمع منه الثوري في الصحة وعبد الرحمن الحضرمي لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

2486 - ‏(‏إن من تمام إيمان العبد أن يستثنى‏)‏ في كل حديثه أي يعقب كل حديث يمكن تعليقه بقوله إن شاء اللّه لتحققه أن ما شاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن ‏{‏ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء اللّه‏}‏ فيندب ذلك ندباً مؤكداً هذا ما جرى عليه محققون في تقرير هذا الحديث، وذهب الجوزقاني إلى الأخذ بعموم مفهومه فقال‏:‏ الاستثناء في الإيمان سنة فمن قال إنه مؤمن فليقل إن شاء اللّه وذا ليس استثناء شك بل عواقب المؤمنين مغيبة عنهم ولهذا كان المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم يكثر أن يقول‏:‏ يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ حكم ابن الجوزي بوضعه وقال فيه معارك بن عباد متروك منكر الحديث قال المصنف وفيه نظر انتهى ولم يوجهه بشيء وفي الميزان معارك قال البخاري وغيره منكر الحديث ضعفه وشيخه واه ثم ساق من مناكيره هذا الخبر ثم قال وهذا حديث باطل قد يحتج به الأزارقة الذين لو قيل لأحدهم أنت مسيلمة الكذاب لقال إن شاء اللّه انتهى وذكر الحافظ في اللسان مثله وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني فيه عبد اللّه بن سعيد بن أبي سعيد وهو ضعيف‏.‏

2487 - ‏(‏إن من تمام الصلاة‏)‏ أي مكملاتها يقال تم الشيء يتم تكملت أجزاؤه وتم الشهر كملت أيامه ثلاثين فهو تام ويعدى بالعمزة والتضعيف فيقال أتممته وتمممته والاسم التمام بالفتح وقد يكسر يقال ولد الولد لتمام الحمل بالفتح والكسر وألقت المرأة الولد لغير تمام بالوجهين ‏(‏إقامة الصف‏)‏ يعني تسويته وتعديله عند إرادة الدخول في الصلاة فهو سنة مؤكدة ينبغي المحافظة عليها‏.‏

قال العارف ابن عربي‏:‏ التراص في الصف أن لا يكون بين الإنسان والذي يليه خلل من أول الصف إلى آخره وذلك لأن الشياطين تسد ذلك الخلل بأنفسها وهم في محل القرب منه تعالى فينبغي كونهم متلاصقين بحيث لا يبقى بينهم خلل يؤدي إلى بعد كل من صاحبه وإذا ألزقت المناكب بعضها ببعض انسد الخلل ولم يجد الشيطان الذي هو محل البعد عن اللّه سبيلاً للدخول وإنما يدخل الشياطين الضعفاء لعله يرى من شمول الرحمة التي يعطيها اللّه للمصلين فدخولهم في تلك الفرج لينالهم منها شيء بحكم المجاورة وهؤلاء ليسوا الشياطين الذين يوسوسون في الصلاة فأولئك محلهم القلوب‏.‏

- ‏(‏حم عن جابر‏)‏ رضي اللّه تعالى عنه قال الهيثمي فيه عبد اللّه بن محمد ابن عقيل اختلف في الاحتجاج به‏.‏

2488 - ‏(‏إن من تمام الحج أن تحرم‏)‏ أي تنوي الدخول في النسك من حج أو عمرة أو قران ‏(‏من دويرة أهلك‏)‏ يعني من بلدك أو وطنك وهذا قاله لمن قال له ما معنى قوله تعالى ‏{‏وأتموا الحج‏}‏ وأخذ بقضية هذا جمع قالوا‏:‏ الأفضل لمن فوق الميقات أن يحرم من دويرة أهله لأنه أكثر عملاً وقد فعله جمع ما بين صحابي وتابعي وعكس آخرون ففضلوا الإحرام من الميقات لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أخر احرامه من المدينة إلى الحليفة في حجة الوداع وكذا في عمرة الحديبية رواه البخاري‏.‏

- ‏(‏عد هب عن أبي هريرة‏)‏ ثم قال البيهقي في الشعب نفرد به جابر ‏[‏ص 538‏]‏ بن نوح وهذا إنما يعرف عن علي موقوفاً وقال في السنن هذا فيه نظر‏.‏ اهـ‏.‏ قال الذهبي في المهذب‏:‏ قلت سنده واه وأقول لم يبين علته وذلك أن فيه جابر بن نوح المذكور قال ابن حبان وغيره لا يحتج به وقال أبو داود ما أنكر حديثه وساق في الميزان هذا الحديث بما أنكر عليه‏.‏

2489 - ‏(‏إن من حق الولد على والده‏)‏ ومثله الجد أو الأب عند فقده فإن فقد فالأم وإن علت ‏(‏أن يعلمه الكتابة‏)‏ أي الخط لأنه عون له على الدنيا والدين وكذا يعلمه القراءة والآداب وكل ما يضطر إلى معرفته من الأمور الضرورية ‏(‏وأن يحسن اسمه‏)‏ بأن يسميه بأحب الأسماء إلى اللّه تعالى أو بنحو ذلك ولا يسميه باسم شيء من أسماء الشياطين ونحوها مما نهى عنه ‏(‏وأن يزوجه‏)‏ أو يسريه ‏(‏إذا بلغ‏)‏ الحلم فإنه بالتزويج أو التسري يحفظ عليه شطر دينه كما سيجيء في خبر وفيه إشارة إلى أن على الآباء تعليم أبنائهم حسن الأدب الذي شرع الشرع والعقل فضله واتفقت الكلمة على شكر أهله وأجرة تعليمه الكتابة ونحوها من ماله ثم على أبيه وإن علا ثم أمه وإن علت ‏(‏ابن النجار‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ بإسناد ضعيف لكن له شاهد‏.‏

2490 - ‏(‏إن من سعادة المرء أن يطول عمره ويرزقه اللّه الإنابة‏)‏ أي التوبة والرجوع إلى اللّه تعالى لأنه حينئذ يكثر من الطاعات ويتزود من القربات لا يقال‏:‏ قد كان أولى الناس بطول العمر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأنه أسعد الناس قلت‏:‏ الكلام فيمن يسعد بالأعمال ويستوجب بها مزيد الدرجات وكمال الأحوال وأما سعادة النبوة فمحض الهبة والتخصيص الأول فهم لا يصلون إلى اللّه بأعمالهم ولا يستحقون الدرجات التي هم فيها باجتهادهم وأحوالهم بل حظوظهم موهبية وحظوظ غيرهم كسيبة‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في التوبة ‏(‏عن جابر‏)‏ رضي اللّه تعالى عنه وقال صحيح وأقره الذهبي ورواه عنه ابن منيع والديلمي‏.‏

2491 - ‏(‏إن من شر الناس عند اللّه منزلة‏)‏ بفتح الميم أي رتبة قال في الصحاح‏:‏ المنزلة المرتبة ‏(‏يوم القيامة‏)‏ في رواية من أشر بالألف قال عياض‏:‏ تقول النحاة لا يجوز أشر وأخير بل خير وشر وقد جاء اللغتان في صحيح الأخبار وهو حجة للجواز ‏(‏الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه‏)‏ بالمباشرة والجماع ‏(‏ثم ينشر سرها‏)‏ أي يبث ما حقه أن يكتم من الجماع ومقدماته ولواحقه فيحرم إفشاء ما يجري بين الزوجين من الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك بقول أو فعل ويكره مجرد ذكر الجماع بلا فائدة لأنه خلاف المروءة ولهذا قال الأحنف جنبوا مجالسكم ذكر النساء والطعام فكفى بالرجل ذماً أن يكون واصفاً لفرجه وبطنه والظاهر أن المرأة كالرجل فيحرم عليها إفشاء سره كأن تقول هو سريع الإنزال أو كبير الآلة أو غير ذلك مما يتعلق بالمجامعة ولم أر من تعرض له والإفضاء لغة المس ببطن الكف قال ابن فارس‏:‏ أفضى بيده إلى الأرض مسها بباطن راحته أفضى إلى امرأته باشرها وجامعها‏.‏